-. محور التفرقة بين الملكية والتأجير
لقد تعقدت وتشابكت عمليات اقتناء الخدمات والمنافع المستقبلية للأصل،
وتعددت أطرافها، بحيث أصبح يستحيل أحيانا التفرقة بين الملكية والإيجار. كما
اخترعت من خلال هذا التطور الهائل أدوات مالية وتتداول في الأسواق المالية أحيانا
على أساس أوراق ملكية وأحيانا على أساس أوراق مديونية، ويبرز هذا التوجه بشكل أساس
في مجال العقار وكذلك السيارات والمعدات وأجهزة التقنية الحديثة، فقد يرى المستأجر
أن من مصلحته المالية والنقدية (التدفقات النقدية) أن يستأجر أفضل من أن يملك،
ولكن ما هو الخط الفاصل بين الملكية (أي بقاء الأصل مملوكا لوحدة محاسبية محددة)
وبين التأجير طويل الأجل الذي ستستفيد
الوحدة المستأجرة من جل منافعه المستقبلية، وهنا المنطق الأكاديمي،
فما دام أن الأصل يمثل منافع مستقبلية، فإن قيمته تنعكس في منافعه، وأن انتقالها
إلى جهة أخرى يعني انتقال تلك المنافع ومن ثم الأصل، فما هو الفرق إذا بين التملك
والتأجير عملية؟
التفرقة واضحة بين الإيجار وانتقال الملكية، يحددها قانون الزمان
والمكان، فعقد الشراء يختلف في أركانه عن عقد التأجير، ومع أن المحاسبة لا تأخذ
بالشكل ولكن بالجوهر، فقد تتساوى من حيث الجوهر بعض عقود التأجير مع عقود التملك
على الرغم من اختلافها من حيث الشكل، وخاصة إذا تم نقل مخاطر الأصل إلى الجهة
المستأجرة وأن هناك نية للاستفادة من جل منافع الأصل المستقبلية، ويرتكز الجدل
الأكاديمي هنا في الرجوع مرة أخرى إلى تعريف وتحديد الأصل، فمن يرى أن انتقال
المنافع إلى وحدة أخرى يعني ضرورة انتقال الأصل إلى تلك الوحدة مع تضحيات المستقبل
في شكل القيمة الحالية للتدفقات النقدية المستقبلية
دفعات الإيجار)، ومن يرى أن الأصل مرهون بملكيته ويظل ملكا للوحدة
ويلزم مقابلة القيمة الإيجارية بقسط استهلاكه.
لذا، فإن المحور الذي يتعلق بالأصول الثابتة المستأجرة، والمثيرة
للجدل والاهتمام الأكاديمي والمهني بحيث يتم التفرقة بين الملكية والتأجير، حيث إن
من أهم شروط تحديد الأصل القدرة على استخدام منافعه مبنية على أحداث مالية في
الماضي، ولعل بعض أنواع عقود الإيجار للمستأجر تعطيه الحق في هذا النفع.
تقضي جميع المجامع المهنية والدولية والمحلية بضرورة النظر بشكل دقيق
إلى عقد التأجير لتحديد ماهيته وكذلك تطبيقاته على أرض الواقع، فعلى سبيل المثال
13-FASB ومعيار عقود الإيجار
السعودي حدد شروطا أساسية لمعالجة عقود الإيجار، وكلاهما يقضي، أن أي عقد بالنسبة
للمستأجر يعطيه الحق القانوني
في تحويل الأخطار والمنافع إليه، يتمثل في جوهره شراء أصل بالنسبة
للمستأجر وعملية بيع للمؤجر، ويسمى في هذه الحالة «إيجار عقد رأسمالي» ويعالج في
سجلات المستأجر كأصل وخصم بقيمته. أما القيمة الحالية للتدفقات النقدية المستقبلية
أو القيمة العادلة للأصل لحظة التعاقد أيهما أقل، فتحدد شروطا لغرض تصنيف مثل هذه
العقود ، وفي حالة عدم انطباقها يتم اعتباره عقد إيجارية يظهر في قائمة الدخل. أما
في سجلات المؤجر فتعتبر عقدة رأسمالية إذا توافرت شروط
أخرى.
وينظم المعيار الأمريكي 13-FASB لعام 1980 وكذلك المعيار الدولي 17-IAS ومعيار المحاسبة عن عقود الإيجار الصادر من
الهيئة السعودية للمحاسبين القانونيين
في مايو عام 2001م أسس تصنيف العقود وكذلك المحاسبة عن أحداثها،
بالإضافة إلى العقود الإيجارية للعقارات، وتكون تلك المعايير متشابهة في جل
متطلباتها، ونركز أدناه على الخطوط العريضة لأسس التصنيف ومعالجاتها المحاسبية.
- أسس تصنيف عقود الإيجارة
تنطلق المعاير جلها في تصنيف عقود الإيجار من ركيزة واحدة تتمثل في
انتقال جوهري للمنافع ومخاطر الملكية للمستأجر، وتتشابه في تحديد مفهوم انتقال
المخاطر، حيث يمكن أن يصنف العقد لدى المستأجر إلى عقد تشغيلي أو رأسمالي حسب
طبيعة التعاقد، ويصنف العقد كإيجار رأسمالي إذا ترتب على عقد الإيجار تحويل جوهري
لمنافعه ومخاطره الكلية، وتعكس عملية نقل المخاطر في حالة تضمين إيجار نصا ينتهي
بتملك الأصل مقابل ثمن يتمثل في المبالغ التي دفعت مثلا كدفعات إيجار للأصل أو إذا
تضمن العقد وعدا من المؤجر ببيع الأصل محل العقد المستأجر في نهاية الإيجار بسعر
مجز للمستأجر يحدد في العقد أو إذا كانت القيمة الحالية للحد الأدنى لدفعات
الإيجار في تاريخ نشأة الإيجار تساوي % 90 أو أكثر من قيمته، أو إذا كانت فترة
الإيجار تغطي 75% أو أكثر من العمر الاقتصادي المفترض للأصل.
أما لدى المؤجر فإن التصنيف يأخذ إما شكلا تشغيليا أو عقد إيجار
تمويلي، ويعتبر العقد إيجارا تمويليا إذا توافرت في عقده أي من الشروط السابقة،
أما المعيار الدولي رقم (2) والأمريكي رقم (13) فإنهما يفترضان توافر شرطين آخرين
أحدهما خاص بارتفاع احتمال توقع استلام الدفعات المستقبلية ولا يوجد تكاليف متوقع
تحملها مستقبلا، وهنا يعتبر العقد إما عقد بيع أو تمويلا مباشرا أو عقد ضمان مالي،
والفرق بين عقد البيع والتمويل المباشر أن المؤجر يحصل على ربح بيع من خلال العقد،
أما التمويل فإن المستأجر يحصل على فوائد خلال فترة التمويل، والأخير يتضمن أطراف
أخرى مستأجرة وضمائا ومؤجرا.
ب- أسس قياس عقود الإيجارة
تبنى أسس قياس عقود الإيجار على مفهوم أن عقود الإيجار التشغيلية
عبارة عن إيراد مباشر للمؤجر (أو مكاسب حسب طبيعة النشاط) ومصروف أو خسائر)
للمستأجر، وكلاهما يظهر في قائمة الدخل، أما إذا صنف العقد رأسمالية بالنسبة
للمستأجر فإنه يلزم أن يتم إثبات الإيجار الرأسمالي في سجلات المستأجر كأصل مستأجر
والتزام، وذلك بالقيمة الحالية للحد الأدنى لدفعات الإيجار، ويتم استنفاد قيمته
بمقدار العمر الاقتصادي المتبقي للأصل المستأجر، حسب السياسة المحاسبية لاستهلاك
الأصول الثابتة المتبقية لدى المستأجر.
أما عقد الإيجار التمويلي في سجلات المؤجر، فيتم إقفال حساب الأصل
المؤجر وإثبات قيمة الاستثمار الإجمالي في حساب مستقل تحت اسم «مديني عقود
الإيجار» ويقاس بالقيمة الحالية للتدفقات النقدية المستقبلية، ويتم إثبات العائد
غير المكتسب على عقود الإيجار، وذلك بالفرق بين قيمة الاستثمار والقيمة العادلة
للأصل، ويتم استنفاده خلال فترة الإيجار باستخدام العائد السائد، ومن حيث المنطق
لا يتم احتساب استهلاك على تلك العقود.
أما في حالات عقود الإيجار العقاري، فيتم استخدام نفس التصنيف، فإن
كانت العين المؤجرة أرضا فقط فلا بد من توافر أحد الشرطين الأولين من شروط العقد
الرأسمالي والا صنفت عقدة تشغيلية، أما إذا اختلط العقار في أرض ومبان فيلزم قياس
وإثبات كل منهما بصفة مستقلة؛ وتستخدم طريقة القيمة الحالية للدفعات المستقبلية؛
لتكون أساسا للقياس.